في هذا المنشور سوف نوضح كيف يزداد الحجم الذري(نصف قطر الذرة) خلال الجدول الدوري. وسنعرف أيضا لماذا يزداد حجم الذرة أو ينقص خلال المجموعة أو الدورة، وكذلك تعريفه. معرفة اتجاه وكيفية زيادته تجعلنا نعرف أهمية حجم الذرة في تفسير السلوك الذري.
ما هو الحجم الذري؟
تعريف الحجم الذري هو؛ المسافة من مركز الذرة إلى الغلاف الخارجي لها[1]. والغلاف الخارجي يمكن اعتباره بأنه مسار دوران أبعد إلكترون عن نواة الذرة. يستخدم لقياس نصف قطر الذرة وحدة البيكومتر أو الأنجسترون.
وقد يبدر إلى الذهن أنه مع زيادة عدد الإلكترونات وكبر حجم النواة، ستصبح الذرة كبيرة الحجم. ولكن هذا ليس صحيحا على إطلاقه، لأن هناك ذرات أصغر في الحجم تأخذ عدد أكبر من هذه المكونات مقارنة ببعض الذرات الأخرى.
مثلا: ذرة الكربون يحتوي على 14 بروتون و 14 إلكترون. ونصف قطر فاندر فالس له 170 بيكومتر. بينما الفلور الذي يمتلك 17 بروتونات و 17 إلكترونات يمتلك 135 بيكومتر. هذا يعني أن زيادة الكتلة لا تعني زيادة الحجم بالنسبة للذرة.
كيف يزداد الحجم الذري خلال الدورات والمجموعات؟
العناصر في نفس الدورة الأفقية تمتلك نفس عدد الأغلفة، ولكنها تختلف في عدد الإلكترونات الموجودة في الغلاف الأخير. بينما عناصر المجموعة الواحدة تمتلك أعداد مختلفة من الأغلفة، لكنها تحتوي على نفس عدد الإلكترونات في الغلاف الأخير. وهذا ما يفسر توزع الخواص الدورية لها مثل نصف القطر الذري. وقد تختلف اتجاهات هذه الصفات في الدورات عن المجموعات كما سيتم بيانه فيما يلي:
كيف يزداد حجم الذرة خلال الدورة؟
اتجاه زيادة الحجم الذري في الدورة يكون من اليمين(جهة الهيليوم) إلى اليسار(جهة الهيدروجين). فعندما ننطلق من اليسار نحو اليمين خلال الجدول الدوري في الدورة الواحدة، فإن حجم الذرة يتناقص. ويحدث هذا نتيجة زيادة الشحنة الموجبة الموجودة داخل النواة مع ثبات عدد الأغلفة(سالبة الشحنة)؛ أي بزيادة العدد الذري. لأن هذه الزيادة في الشحنات المختلفة تعني قوة جذب أكبر بينها.
ولكن زيادة عدد أغلفة الذرة تساهم في زيادة حجمها؛ كما سيتضح عند شرح حالة المجموعات. ومن الأمور المؤثرة في حجم الذرة بالإضافة إلى المذكورة آنفا؛ نجد أن زيادة عدد الإلكترونات على الغلاف الأخير في نفس الفترة(صف واحد من الجدول الدوري) يؤدي إلى نقص في حجم الذرة[2].
يزداد التجاذب بين النواة والغلاف الأخير للذرة كلما زادت عدد الإلكترونات على ذلك الغلاف، ما يحدث تقلصا في حجم الذرة. يمكن القول أن زيادة عدد البروتونات في الصف الواحد (عدد أغلفة ثابت) يؤدي جذاب الأغلفة نحوها ما يؤدي إلى نقصان في نصف قطر الذرة. كما في الجدول التالي:
العنصر | نصف القطر الذري (بيكومتر) |
---|---|
ليثيوم | 152 |
بيريليوم | 112 |
بورون | 88 |
كربون | 77 |
نيتروجين | 71 |
أكسجين | 66 |
فلور | 64 |
نيون | 62 |
كيف يزداد الحجم الذري خلال المجموعة؟
يزداد حجم الذرة خلال المجموعة الواحدة كلما اتجهنا لأسفل وذلك بسبب زيادة عدد الأغلفة. كل ذرة تزداد بغلاف واحد عن الذرة التي بأعلاها في المجموعة الواحدة. كما يتبين من الجدول التالي:
العنصر | نصف القطر الذري (بيكومتر) |
---|---|
هيدروجين | 53 |
ليثيوم | 152 |
صوديوم | 180 |
بوتاسيوم | 227 |
روبيديوم | 248 |
سيزيوم | 265 |
لو تلاحظ أن حجم الهيدروجين صغير جدا مقارنة بالعناصر الأخرى. هذا يعود إلى أن الهيدروجين يمتلك مستوى طاقة واحد يدور عليه إلكترونه الوحيد، ويعتبر في نفس الوقت المستوى الخارجي؛ ما يعني أنه لا يوجد حاجز طاقة (حاجز إلكترونات) بين البروتونات الموجودة في النواة والغلاف الأخير. والغلاف الأخير هو الذي يحدد حجم الذرة.
في الذرات الأخرى يحدث تنافر بين الإلكترونات في المستويات المختلفة وهذا التنافر يزيد من المسافة بين مستويات الطاقة وبالتالي زيادة في حجم الذرات. ولا يوجد هذا التنافر في الهيدروجين لانعدام طبقات إلكترونية مختلفة.
يمكن تبسيط سبب صغر حجم ذرة الهيدروجين في النقاط التالية:
- مستوى طاقة واحد: يحتوي الهيدروجين على مستوى طاقة واحد فقط، بينما تحتوي الذرات الأخرى على عدة مستويات طاقة.
- لا يوجد حاجز طاقة: لا يوجد حاجز طاقة بين الإلكترون الخارجي والنواة في ذرة الهيدروجين، بينما يوجد حاجز طاقة بين الإلكترونات الخارجية والنواة في الذرات الأخرى.
- تنافر الإلكترونات: لا يحدث تنافر بين الإلكترونات الموجودة في نفس المستوى في ذرة الهيدروجين، بينما يحدث تنافر بين الإلكترونات الموجودة في مستويات مختلفة في الذرات الأخرى.
خلال الدورات(الفترات) الأفقية نلاحظ أن الكتلة الذرية لا تزيد من حجم الذرة. ويرجع السبب في ذلك أن زيادة الكتلة تصاحبها فقط زيادة في حجم النواة وليس على مستوى الذرة ككل. وحدود حجم الذرة يحدده بعد الغلاف الأخير عن مركز الذرة.
نلاحظ من كل ما سبق أن هناك عدد من العوامل تؤثر في زيادة الحجم الذري. وقد نلاحظ تأثير هذه العوامل في المجموعات والدورات معاً أو في إحداهما.
العوامل المؤثرة في زيادة وتناقص الحجم الذري
هذه العوامل هي:
- العدد الذري (عدد البروتونات أو الشحنة النووية)؛ يقلل الحجم خلال الدورة.
- عدد الأغلفة (مستويات الطاقة) التي تحتوي على الإلكترونيات تزيد حجم الذرة خلال المجموعة.
- عدد الإلكترونات في الغلاف الأخير (مستوى الطاقة الخارجي) يقلل نصف القطر خلال الدورة.
- عدد الإلكترونات الموجودة بين النواة وإلكترونات الغلاف الأخير (تأثير التدريع أو تأثير الفرز) [2].
اقرأ أيضا: الكهروسالبية والعوامل المؤثرة في زيادتها.
ما أهمية الحجم الذري؟
معرفة حجم الذرة له أهمية في تفسير سلوك المركبات أو الذرات[3]. يساعد حجم الذرة في فهم بعض تصرفات العناصر سواء في التفاعلات أو حالة الذوبان والنفاذية وظاهرة الانتشار. فمثلا في ظواهر مثل الامتزاز والامتصاص يتم حجز بعض الذرات والمركبات الصغيرة من خلال الفراغات الموجودة بين الجزيئات الكبيرة. وأحيانا يتم منع مرور بعض الذرات بسبب وجود ذرات كبيرة في طريقها. كلما سبق يوضح لنا أن حجم الذرة بالإضافة إلى الخصائص الكيميائية و الفيزيائية تؤثر بشكل أو بآخر في الظواهر الطبيعية للمواد.
يلعب الحجم الذري دورًا هامًا في تحديد العديد من الخواص الطبيعية للذرات كما يلي:
- تقل طاقة التأين بسبب سهولة فقدان الالكترونات.
- تزداد التفاعلية، وهذا بسبب سهولة تكوينها للأيونات.
- الفلزات الكبيرة الحجم مثل الفضة والنحاس موصلات جيدة للكهرباء.
- تشكيل مواد صلبة من خلال الروابط الفلزية ذات نقاط انصهار وغليان عالية.
العلاقة بين الحجم الذري والكتلة الذرية
كتلة الذرة هي مجموع كتلة البروتونات و النيوترونات بالإضافة إلى كتلة الإلكترونات الصغيرة جدا. ويحتوي الهيدروجين الطبيعي (البروتيوم) على بروتون واحد وإلكترون واحد أيضا؛ هذا يعني أنه أصغر ذرة من حيث الكتلة. ولكن الهيليوم أصغر من حيث الحجم بسبب أنه يمتلك غلاف واحد، بالإضافة إلى قوة التجاذب الأكبر بين الغلاف والنواة مقارنة بتلك التي في البروتيوم. تنشأ قوة التجاذب هذه نتيجة لوجود كمية أكبر في الشحنات المختلفة.
يوجد الهيدروجين في أعلى المجموعة الأولى، وأقصى يسار عناصر الدورة الأولى. في الأسفل نجد الليثيوم؛ وعندما ننطلق منه نجد أن كتلة الذرة تزداد في اتجاه اليمين خلال الدورة ويقل حجم الذرة في هذا الاتجاه. لكن في المجموعات تزداد كتلة الذرة والحجم الذري في نفس الاتجاه، أي من الأعلى إلى الأسفل.