الغازات النبيلة: التركيب الذري، الخواص الفيزيائية و الكيميائية، التطبيقات

هذا المنشور عن الغازات النبيلة وأهميتها وتشمل التركيب الذري والخواص الفيزيائية والكيميائية بالإضافة إلى تاريخ الاكتشاف والتواجد الطبيعي لها والتطبيقات
أسماء ورموز الغازات النبيلة والعدد الذري والوزن الذري

ما هي الغازات الخاملة؟

الغازات النبيلة أو ما يسمى بالغازات الخاملة أو النادرة هي مجموعة من العناصر الكيميائية الموجودة في المجموعة 18 من الجدول الدوري.  وهي تشمل الهيليوم (He)، والنيون (Ne)، والأرجون (Ar)، والكريبتون (Kr)، والزينون (Xe)، والرادون (Rn).

 تتميز الغازات النبيلة بانخفاض تفاعلها واستقرارها بسبب امتلاء غلافها الإلكتروني الخارجي.  وهي غازات عديمة اللون والرائحة والطعم[1] في الظروف العادية.

 وغالبًا ما تستخدم في تطبيقات مثل الإضاءة (أضواء النيون)، والتبريد (الهيليوم)، وكغازات خاملة في العمليات الصناعية المختلفة.

ماذا يقصد بامتلاء الغلاف الخارجي؟

الغازات النبيلة مستقرة لأنها تحتوي على أغلفة إلكترونية خارجية كاملة، مما يعني أن مستوى الطاقة الخارجي لها (غلاف التكافؤ) مملوء بالكامل بالإلكترونات.  في حالة الغازات النبيلة، يحتوي غلاف التكافؤ هذا على الحد الأقصى لعدد الإلكترونات التي يمكنه الاحتفاظ بها.

ينشأ استقرار الغازات النبيلة من قاعدة الثمانيات، التي تنص على أن الذرات تميل إلى اكتساب أو فقدان أو مشاركة الإلكترونات لتحقيق تكوين إلكتروني مستقر يشبه تكوين الغازات النبيلة.  تتمتع الغازات النبيلة بالفعل بهذا التكوين المستقر، لذا فهي لا تتفاعل بسهولة مع العناصر الأخرى[2].  إن أغلفة التكافؤ الكاملة الخاصة بها تجعلها أقل احتمالية لتكوين روابط كيميائية مع العناصر الأخرى، ولهذا السبب تعتبر شبه خاملة أو غير متفاعلة.  وهذا على النقيض من العديد من العناصر الأخرى، التي غالبًا ما تسعى إلى تحقيق غلاف التكافؤ الكامل من خلال التفاعلات الكيميائية.

لماذا سميت بهذا الاسم؟

تمت تسمية الغازات النبيلة نسبة إلى خصائصها النبيلة أو شبه الخاملة.  كانت تسمى هذه العناصر في الأصل "الغازات الخاملة" لأنه كان يُعتقد أنها خاملة كيميائيًا، مما يعني أنها لا تتحد بسهولة مع عناصر أخرى لتكوين مركبات.  وقد استخدم مصطلح "النبيلة" فيما بعد لوصفها، مع التأكيد على افتقارها إلى التفاعل واستقرارها.  حدث هذا التغيير في الاسم لأن كلمة "خاملة" يمكن أن تكون مضللة، حيث يمكن لبعض هذه الغازات أن تشكل مركبات في ظل ظروف معينة.  يعكس اسم "الغازات النبيلة" خصائصها الفريدة والمستقرة.

أهمية الغازات الخاملة

ميزة الخمول أو عدم النشاط التفاعلي أعطت الغازات النبيلة تطبيقات في غاية الأهمية. إذا أنها تستخدم كأوساط غير متفاعلة في الصناعات والتفاعلات الكيميائية، وحواجز بين العناصر المتفاعلة التي تعمل جنبا إلى جنب في المفاعلات. فهي غير سامة لذا فهي مهمة جدا في هذه الاستخدامات مقارنة بالغازات الغازات الأخرى. بالإضافة إلى التطبيقات الصناعية المختلفة في الفضاء والمفاعلات النووية التي سنذكرها لاحقا.

التركيب الذري للغازات النبيلة

يتميز التركيب الذري للغازات النبيلة بأن جميعها تمتلك ثمانية إلكترونات في المدار الخارجي (مستوى الطاقة الرئيسي الأخير). وكل غاز نبيل في المجموعة 18، يزداد بغلاف إلكتروني واحد عن الذي قبله عند الانتقال إلى أسفل الجدول الدوري. وتزداد عدد البروتونات بشكل متساوي مع الإلكترونات، بالإضافة إلى الزيادة التي تحصل في عدد النيوترونات، ما يؤدي إلى الفرق الكبير في الأوزان الذرية. الجدول التالي يوضح الأعداد والأوزان الذرية بالإضافة إلى التوزيع الإلكتروني للغازات النبيلة.
التركيب الذري للغازات النبيلة
العنصر العدد الذري الوزن الذري (g/mol) التوزيع الإلكتروني
هيليوم (He) 2 4.0026 1s²
نيون (Ne) 10 20.1797 1s² 2s² 2p⁶
أرجون (Ar) 18 39.948 1s² 2s² 2p⁶ 3s² 3p⁶
كريبتون (Kr) 36 83.798 1s² 2s² 2p⁶ 3s² 3p⁶ 4s² 3d¹⁰ 4p⁶
زينون (Xe) 54 131.293 1s² 2s² 2p⁶ 3s² 3p⁶ 4s² 3d¹⁰ 4p⁶ 5s² 4d¹⁰ 5p⁶
رادون (Rn) 86 222.0 1s² 2s² 2p⁶ 3s² 3p⁶ 4s² 3d¹⁰ 4p⁶ 5s² 4d¹⁰ 5p⁶ 6s² 4f¹⁴ 5d¹⁰ 6p⁶

الخواص الفيزيائية للغازات النبيلة

يمكن وصف الخواص الفيزيائية للغازات النبيلة في النقاط التالية:
  1. عديمة اللون والرائحة: الغازات النبيلة عادة ما تكون عديمة اللون والرائحة، مما يجعلها غير ملحوظة في الهواء.
  2. منخفضة الكثافة: تتميز بانخفاض كثافاتها، مما يعني أنها أخف من الهواء المحيط بها. هذه الخاصية تجعلها مفيدة في تطبيقات مثل البالونات.
  3. نقاط غليان وانصهار منخفضة: تتمتع الغازات النبيلة بنقاط غليان وانصهار منخفضة جدًا، مما يعني أنها تظل في الحالة الغازية عند درجة حرارة الغرفة أو بالقرب منها.
  4. قليلة التفاعل: الغازات النبيلة مستقرة للغاية وغير متفاعلة في الظروف العادية. ويرجع هذا الخمول إلى امتلاء أغلفة الإلكترونات الخارجية بها، مما يجعل من غير المرجح أن تشكل روابط كيميائية مع العناصر الأخرى بسهولة.
  5. موصلات للكهرباء: تتميز جميع الغازات النبيلة بتوصيل الكهرباء والفلورة[6] ما يجعلها مفيدة في الاستخدام الامن للكهرباء.
  6. انخفاض قابلية الذوبان: تتمتع الغازات النبيلة بقابلية منخفضة للذوبان في الماء والمذيبات الأخرى، وهو ما يمكن أن يكون مفيدًا في العديد من التطبيقات؛ مثل حفظ المواد.
  7. غير قابلة للاشتعال: إنها غير قابلة للاشتعال، وهو أمر ضروري للسلامة في بعض التطبيقات، مثل الإضاءة والليزر.
  8. التوهج تحت التفريغ الكهربائي: عند تعرضها لتفريغ كهربائي، يمكن للغازات النبيلة أن تنبعث منها ألوان مميزة من الضوء، والتي يتم استخدامها في لافتات النيون وتطبيقات الإضاءة المختلفة.
  9. أحادية الذرة: توجد الغازات النبيلة كغازات أحادية الذرة، مما يعني أن جزيئاتها تتكون من ذرات واحدة. وهذا يحدث نتيجة لاستقرارها وعدم حاجتها للحصول على الإلكترونات من ذرات أخرى.

الخواص الكيميائية للغازات النبيلة

تشتهر الغازات النبيلة بأنها مجموعة من العناصر الكيميائية التي تتميز بتكوينها الإلكتروني المميز، مما يجعلها مستقرة جدًا وغير متفاعلة في الظروف العادية. فيما يلي بعض الخواص الكيميائية المميزة لها:

  • الخمول: الغازات النبيلة غير متفاعلة لأنها تحتوي على ثمانية إلكترونات في أغلفتها الخارجية. هذا يجعل من غير المرجح أن تشكل روابط كيميائية مع عناصر أخرى. وغالبا ما يشار إليها باسم "الغازات الخاملة" بسبب هذه الخاصية.
  • نقص المركبات الكيميائية: باستثناء الزينون والكريبتون، اللذين يمكن أن يتفاعلا مع الفلور والأكسجين لتكوين مركبات مثل سداسي فلوريد الزينون (XeF6) وثنائي فلوريد الكريبتون (KrF2)، لا تتحد الغازات النبيلة عمومًا مع عناصر أخرى لتكوين مركبات مستقرة.
  • تفاعلية منخفضة: تتمتع الغازات النبيلة بتفاعلية منخفضة جدًا مع أنواع التفاعلات الكيميائية الشائعة، مثل الأكسدة أو الاختزال أو التفاعلات الحمضية القاعدية. وهذه الخاصية هي سبب استخدامها غالبًا كغازات خاملة في تطبيقات مختلفة، بما في ذلك اللحام وكجو وقائي في التفاعلات الكيميائية.
  • الاستقرار: يُعزى استقرارها إلى حقيقة أنها تحتوي على مجموعة كاملة من إلكترونات التكافؤ، مما يمنحها الحد الأدنى من الميل لاكتساب أو فقدان الإلكترونات لتحقيق تكوين إلكتروني مستقر.
  • مركبات الغازات النبيلة: تم تصنيع بعض مركبات الغازات النبيلة، والمعروفة باسم "مركبات الغازات النبيلة"، في ظل ظروف قاسية. عادة ما تكون هذه المركبات غير مستقرة وتتطلب ضغوطًا ودرجات حرارة عالية لتكوينها.
  • غير سامة: هذه العناصر لا تتفاعل مع مكونات الخلية ولا مع الأكسجين عند درجة حرارة الجسم (37 درجة مئوية)؛ لذلك فهي غير سامة.

تاريخ الاكتشاف والتواجد الطبيعي للغازات النبيلة

يعد اكتشاف وفهم الغازات النبيلة جوانب رائعة من تاريخ الكيمياء. وفيما يلي لمحة موجزة عن اكتشافها وتواجدها الطبيعي:

  1. الهيليوم:
    • تم اكتشاف الهيليوم لأول مرة في عام 1868 أثناء كسوف الشمس من قبل عالم الفلك الفرنسي جول يانسن، الذي لاحظ خط طيفي أصفر لا يتوافق مع أي عنصر معروف. ومن قبل جوزيف نورمان لوكير بنفس التاريخ تقريبا.
    • تم اكتشافه بشكل مستقل على الأرض في عام 1895 من قبل الكيميائي الاسكتلندي السير ويليام رامزي والكيميائي الإنجليزي اللورد رايلي. ووجدوا الهيليوم في خامات اليورانيوم وحددوا أنه عنصر جديد[3].
    • الهيليوم نادر نسبيًا على الأرض ويتم الحصول عليه بشكل أساسي من رواسب الغاز الطبيعي، حيث يتواجد بكميات صغيرة.
  2. النيون:
    • اكتشف رامزي وموريس ترافرز النيون عام 1898، حيث استخرجاه من الغلاف الجوي عن طريق عزل المكون الغازي الذي لا يتفاعل مع أي مواد كيميائية أخرى[4].
    • يعد النيون أحد أكثر الغازات النبيلة وفرة في الكون، لكنه نادر على الأرض. وغالبا ما يتم إنتاجه من خلال التقطير التجزيئي للهواء السائل.
  3. الأرجون:
    • اكتشف رامزي وترافرز الأرجون عام 1894 عندما كانا يفحصان عينة من الهواء. ووجدوا أن جزءًا صغيرًا من الهواء لم يتفاعل مع أي مادة، وحددوا ذلك على أنه عنصر جديد[5].
    • الأرجون هو الغاز النبيل الأكثر وفرة في الغلاف الجوي للأرض، حيث يشكل حوالي 0.93% من الهواء.
  4. الكريبتون والزينون:
    • اكتشف رامزي وترافرز أيضًا الكريبتون والزينون في عام 1898، حيث قاما بعزلهما عن عينات الهواء المسال.
    • يتواجد الكريبتون والزينون بكميات ضئيلة في الغلاف الجوي للأرض، ويتم استخراجهما بشكل أساسي من خلال إسالة الهواء والتقطير التجزيئي.
  5. الرادون:
    • اكتشف الكيميائي الألماني فريدريش إرنست دورن الرادون في عام 1900. ووجده كمنتج اضمحلال إشعاعي للراديوم.
    • الرادون هو غاز نبيل مشع ويتم إنتاجه كناتج اضمحلال في خامات اليورانيوم والثوريوم.

تُعرف هذه الغازات النبيلة بطبيعتها الخاملة، مما يجعلها مفيدة في تطبيقات مختلفة، مثل الإضاءة والليزر والتبريد. كما أنها مهمة في فهم التركيب الذري وسلوك العناصر في الجدول الدوري.

التطبيقات المختلفة للغازات النبيلة

هذه المركبات مهمة جدا في الصناعة بسبب خصائصها الفريدة. بعض تطبيقات هذه الغازات تشمل:

  1. الإضاءة: تُستخدم الغازات النبيلة مثل النيون والأرجون والكريبتون في لافتات النيون ومصابيح الفلورسنت ومصابيح تفريغ الغاز الأخرى، مما يوفر إضاءة ملونة وموفرة للطاقة.
  2. التبريد الشديد: يستخدم الهيليوم بشكل شائع كمبرد في تطبيقات مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، والموصلات الفائقة، ومسرعات الجسيمات.
  3. اللحام: غالبًا ما يستخدم الأرجون كغاز حماية في عمليات اللحام لحماية منطقة اللحام من التلوث الجوي.
  4. الوسائد الهوائية: يستخدم الهيليوم في الوسائد الهوائية لنفخها بسرعة في حالة وقوع حادث سيارة نظراً لطبيعته غير القابلة للاشتعال.
  5. الليزر: يتم استخدام ليزر الهيليوم-نيون (He-Ne) وأشعة ليزر الغازات النبيلة الأخرى في البحث العلمي والإجراءات الطبية والاتصالات السلكية واللاسلكية.
  6. علوم الأرض: يُستخدم الكريبتون والزينون في دراسة نظائر الغازات النبيلة لتتبع أصل وتطور الغلاف الجوي للأرض وفي التاريخ الإشعاعي.
  7. الغوص في أعماق البحار: يتم استخدام خليط من الهيليوم والأكسجين، المعروف باسم الهيليوكس، في الغوص في أعماق البحار لتقليل خطر الإصابة بمرض تخفيف الضغط.
  8. استكشاف الفضاء: تُستخدم الغازات النبيلة في أنظمة الدفع الأيوني للمركبات الفضائية، مما يوفر قوة دفع فعالة وطويلة الأمد.
  9. التصوير الطبي: يمكن استخدام الزينون كعامل تباين في التصوير بالرنين المغناطيسي.
  10. التحليل الطيفي: تستخدم الغازات النبيلة في التحليل الطيفي لمعايرة الأجهزة ودراسة الخصائص الذرية والجزيئية.
  11. كشف التسرب الصناعي: يستخدم الهيليوم للكشف عن التسربات في أنظمة الضغط العالي وفي تصنيع المكونات المانعة للتسرب.
  12. الحفظ: يمكن استخدام الغازات النبيلة لحماية القطع الأثرية والوثائق من التحلل عن طريق خلق أجواء خاملة في حاويات التخزين.

توضح هذه التطبيقات تنوع وأهمية الغازات النبيلة في مختلف المجالات العلمية والصناعية والتكنولوجية.

الأسئلة الشائعة

ما هي أسماء ورموز الغازات النبيلة؟

أسماء ورموز الغازات النبيلة هي: - هيليوم (He) - نيون (Ne) - أرجون (Ar) - كريبتون (Kr) - زينون (Xe) - رادون (Rn)

أين تقع الغازات النبيلة في الجدول الدوري؟

تقع الغازات النبيلة في المجموعة 18 من الجدول الدوري، في أقصى اليمين. ويشار إليها أحيانًا أيضًا باسم المجموعة VIII-A.

لماذا سميت الغازات النبيلة بهذا الاسم؟

تسمى الغازات النبيلة بذلك لأنها مستقرة للغاية وغير متفاعلة في الظروف العادية. ويشير المصطلح "النبيل" إلى افتقارهم إلى التفاعل الكيميائي.

لماذا لا تتفاعل أغلب الغازات النبيلة في الظروف العادية؟

لا تتفاعل الغازات النبيلة في الظروف العادية بسبب غلافها الإلكتروني مكتمل التكافؤ، مما يجعلها مستقرة. لديها الحد الأقصى لعدد الإلكترونات (ثمانية) في مستوى الطاقة الخارجي، وفقا لقاعدة الثماني. ومع ذلك، في ظل ظروف قاسية معينة، يمكن إجبارها على التفاعل.

ماذا يقصد بقاعدة الثمانيات؟

قاعدة الثماني هي مبدأ كيميائي ينص على أن الذرات تميل إلى الاتحاد بطريقة تجعلها تحتوي على ثمانية إلكترونات في غلافها الإلكتروني الخارجي. وهذا يؤدي إلى زيادة الاستقرار، لأنه يحاكي التكوين الإلكتروني للغازات النبيلة. وهو مفهوم أساسي في الروابط الكيميائية ويشرح سلوك الذرات في تكوين الجزيئات.


المصادر

عن المؤلف

بكالوريوس في الكيمياء: قسم الكيمياء التطبيقية والصناعية، كلية العلوم البحتة والتطبيقية، جامعة إفريقيا العالمية. مدرس في مدرسة الإمام مالك النموذجي. باحث وكاتب منشورات كيميائية لدى دورق الكيمياء .

إرسال تعليق